أوراق قبرص (المهمة السرية)
يكشف تحقيق سري أجرته وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة كيف يتسنى لمجرم مدان أن يحصل على جواز سفر أوروبي في قبرص. يقود التحقيق إلى أعلى المناصب في الدولة القبرصية ويكشف عن وجود عملية من مسربين للتعامل مع الطلبات، حيث يدفع أصحاب الطلبات التي تكتنفها مشاكل مبلغاً أكبر من المال.
يتمكن مراسلونا في "أوراق قبرص: المهمة السرية " من الوصول إلى شبكة من المساعدين، والتي بدورها توصلهم إلى أعلى المراتب السياسية في البلاد، حيث يعرب الجميع عن رغبته في مساعدة مجرم مدان وتأييده للحصول على جنسية قبرصية من شأنها أن تفتح له أبواب الأسواق الداخلية في الاتحاد الأوروبي حيث سيتمكن من التنقل عبر أقطاره بدون تأشيرة.
ومن الشخصيات المشاركة في ذلك رئيس البرلمان ديمتريس سيلوريس وعضو البرلمان كريستاكيس جوفاني، والذي يعتبر واحداً من أكبر تجار العقارات في البلاد.
يأتي هذا الكشف بعد شهرين من تحقيق نشرته وحدة التحقيقات تحت عنوان "أوراق قبرص"، والذي تحدث عن تسريب ما يقرب من 1400 وثيقة تثبت أن قبرص أخفقت بشكل منتظم في الالتزام بقوانينها وسمحت لمجرمين مدانين وهاربين من القانون بالحصول على الجنسية القبرصية بموجب برنامجها المثيل للجدل والمعروف باسم برنامج الاستثمار القبرصي.
بعد ذلك التحقيق، دافعت قبرص عن البرنامج وقالت إنه وقعت عدة أخطاء في السنوات الأخيرة، ولكن القوانين المقيدة وما يجري من تدقيق في خلفيات أصحاب الطلبات يكفي للحيلولة دون أن يحصل المجرمون على جواز سفر.
اتهمت الحكومة القبرصية تقارير الجزيرة "بالتشويه والخداع والإثارة" وربطت التحقيق بالنزاع مع تركيا في شرقي المتوسط. والحقيقة هي أن التحقيق بدأ قبل ثمانية عشر شهراً وكان في بادئ الأمر يركز على الفساد في بريطانيا.
قام شرطي بريطاني سابق، تحول إلى مساعد، بإرسال مراسلينا المتخفيين، اللذين قاما بدور ممثلين لمواطن صيني وهمي لديه سجل جنائي بسبب الرشوة والفساد، إلى قبرص للحصول على جواز سفر أوروبي.
وهناك يدخل فريقنا في عملية يتم عبرها الالتفاف على القيود من خلال الاستثمار مع الناس المناسبين. وهناك يتعلمان القواعد غير الرسمية: كلما كانت الحالة أصعب كلما كان السعر أعلى.
يصف المحامي أندرياس بيتادجيس، والذي يعمل في برنامج قبرص للاستثمار، طريقاً سرياً ذا مسربين للحصول على الجنسية، فيقول: "لا يعترف أحد بذلك. لا يمكنك رؤية ذلك في أي كتاب أو في أي قانون. إذا كانت هناك مشاكل ونريد لجواز السفر أن يصدر سريعاً، فعلينا أن نرفع قيمة المبلغ. إلى أي حد؟ الأمر إليك. كلما كان أكبر كلما كان أفضل."
يبدأ الأمر بلقاء مع وكيل العقارات المناسب. يقول طوني كيه، من وكالة عقارات Sold on Cyprus "بيع في قبرص": "دعونا نتجاوز العقبة الكبرى المتمثلة بسبع سنوات سجن." ويضيف: "حيثما وجدت مشاكل فإن تحقيق هذه الأشياء سيكون أعلى تكلفة. ولذلك، ما سنفعله هو البحث عمن ينبغي أن نتحدث معه ومن ينبغي أن يدفع له، وما هي الاستثمارات التي يتوجب القيام بها."
يستمر طريق الحصول على جواز السفر بلقاء يعقد مع مطور العقارات أنطونيس أنطونيو، المدير التنفيذي لمجموعة جوفاني، الذي يقول: " كلما استثمرت أكثر كلما حصلت على امتيازات أكثر، وبإمكانك حينها تخطي قائمة الانتظار، كما نقول."
ينصحنا أنطونيو بلقاء المحامي بيتادجيس الذي يقترح آليات متعددة للالتفاف حول قواعد ونظم برنامج الاستثمار القبرصي. ومن هذه الآليات إيجاد شركات واجهة، ووضع أموال المدان بغسيل الأموال في حساب باسم زوجته، بل وحتى تبديل اسمه لمنع الكشف عن الإدانات السابقة. وعندما سئل عما إذا كان قد فعل ذلك من قبل، أجاب ضاحكاً "بالطبع، هذه قبرص."
يصل مسعانا للحصول على جواز سفر لمجرمنا صاحب الطلب ذروته بلقاء مع رئيس برلمان قبرص، والذي يحتل ثاني أعلى منصب في الدولة. بعد أن شرحنا له خلفية مجرمنا صاحب الطلب، قال دمتريس سيلوريس مخاطباً مراسلينا المتخفيين: "أمنحكم دعمي الكامل." وعندما سئل عما إذا كان المجرم صاحب الطلب سيحصل على جواز سفر أجاب: "لا يمكنني الجزم مائة بالمائة ولكن أقول تسعة تسعين بالمائة."
وعندما ووجهوا بالأدلة، نفى كل المعنيين ارتكابهم لأي مخالفات.
قال أندرياس بيتادجيس وطوني كيه إنهما فهما منذ اللحظة الأولى أن مراسلينا المتخفيين كانا يمثلان مجرماً وأنهما جاراهما “للحصول على مزيد من التفاصيل."
وقال الأعضاء في مجموعة جوفاني إن تعاملهما المستمر مع مراسلينا المتخفيين كان القصد منه جمع المزيد من المعلومات لدعم تقرير كان يعد للسلطات دون "تحذيرهما".
بعد أن غادر مراسلانا المتخفيان قال بيتادجيس إنه قدم تقريراً حولهما لوحدة مكافحة غسيل الأموال في قبرص.
وقال ديمتريس سيلوريس إنه لم يقدم أي خدمات لمقدم الطلب من طرفنا وأنه اعتمد على تقرير مكافحة غسيل الأموال الذي قدمه فيما بعد بيتادجيس.